من هوامش دفتر الشتات (٤) – بحثاً عن وطن وهويّة

SONY DSC

كنتُ، حتّى وقت قريب، شديد الاعتزاز بمدينتي حلب. غالباً ما عرَّفتُ عن نفسي بالقول أنا حلبيّ، آتي من مدينة عابقة بالأصالة والتراث، مدينة الآثار العظيمة، والطرب الأصيل، والمأكولات الشهيّة التي لا يمكن لأيّ مطبخ شرقيّ آخر أن يبزّها.

ظلّت حلب التي غادرتها منذ سنوات ستّ حاضرة في روحي ووجداني.

ما تزال أذني مرهفة تجاه القدود، تلتقط أغاني صباح فخري المتسلّلة من الإذاعات والنوافذ والمقاهي هنا وهناك، أجهد في تجميع ألبومات صبري مدلل وفرق الموسيقى الصوفيّة الحلبيّة، علّها تنعش ذكرياتي المتناثرة في مدينتي الواسعة: في حمّامات السوق العتيق التي لي فيها أمسيات لا تُنسى مع فرقة الكشافة… في قهوة القلعة، قبل أن يغزوها النمط الغربيّ، إقرأ المزيد

من هوامش دفتر الشتات (٣) – محكومون بالنصرة؟

من اعتصام في الرقة ضد المستبدين الجدد

من اعتصام في الرقة ضد المستبدين الجدد

أعترف أن هناك معضلة كبيرة في أية محاولة لإجراء حوار بناء هذه الأيام، لا سيما مع التركيز على النصرة وممارساتها واختصار كل ما يجري في سوريا بهذا التفصيل – الخطير من دون شك-. ذلك أننا حتى ولو سلمنا بأن كل أشكال الحراك انتهت، وان النصرة هي الفصيل المسلح الوحيد على الأرض، فإن أي حوار ينتهي مع عبارت اللوم والبكاء على اللبن المسكوب. ثمة حاجز نفسي لا يمكن تجاوزه لدى بعض الأصدقاء من هذه الفئة تحديداً.

وعبثاً تحاول القيام بمحاولة بحث مشترك حول إمكانيات الخروج من هذا المأزق، فالتاريخ توقف عندهم عند لحظة انبثاق النصرة، فما عادوا بقادرين على أن يروا ما قبلها ولا حتى ما يرافق هذا الفصيل من مظاهر أخرى كثيرة لتيار مدني ما يزال يرفض الاستسلام ويصارع الهيئات الشرعية المتفرقة هنا وهناك التي تستغل الوقت الضائع وحالة الفوضى لفرض نمط حياة وتعامل لم يألفه السوريون.

ولكن كيف يمكن البحث عن حبل نجاة مما يعد لسوريا، إن كنا غير قادرين على البحث عن الأسباب التي أودت إلى هذه النتائج؟ أوليس التحري والاستقصاء هي أولى وسائل الطبيب في علاح أي إقرأ المزيد

من هوامش دفتر الشتات (٢) – بلال ليس واحداً من مليون

نُشرت في جريدة المدن الإليكترونية في ٢٢-٣-٢٠١٣.

DSC_0133-2

التقيت بلال للمرة الأولى عندما فرزنا الحصص الغذائية قبل بضعة أسابيع. “هذا ليس مكاناً للعب”، قلتُ معاتباً، إذ ما الذي يمكن لطفل مثله أن يفعله مع أكياس السكّر والرزّ الثقيلة؟ أعترف بأنّي لم أعطِه حقّه. فهذا الصبيّ ذو السنوات العشر، لم يكلّ أو يملّ وهو يحاول مساعدة عشرات المتطوّعين الموجودين. ذكيّ، يقظ، ما إن يحتاج أحدهم شيئاً حتى يركض إلى تلبيته. أتى أخوه الأكبر أكثر من مرّة ليتفقّده ويطالبه بالعودة إلى البيت، غير أنّه أبى إلّا أن يبقى معنا حتى بعدما بدأ المتطوّعون بالانصراف.

عرفتُ منه في ما بعد، أن عائلته أتت أخيراً من سوريا لتقطن إحد الكراجات القريبة. ومن يومها، بات وجهه الباسم مرافقاً لمدخل المسرح القريب حيث يقف ليبيع الروّاد زهوره البلاستيكية الحمراء. لطالما أزعجني هذا الشارع بوحشته وخلوّه من البشر. أتى بلال ليبدّد هذه الوحشة. ما إن يرى أحدنا حتى يهرع لمساعدته. ما أن يُفتح المستودع، أو تقبِل سيّارة، حتّى يُسرع إلى حمل الأغراض. لا إقرأ المزيد

من هوامش دفتر الشتات (١) – الإنسان الرهينة

نُشرت في جريدة المدن الإليكترونية على هذا الرابط، بتاريخ ١٨/ ٢/ ٢٠١٣.

DSC_0055-001

لم أنسَ تحويل هاتفي إلى الوضع الصامت قبل دخول ذلك الاجتماع، حيث سنتحدّث عمّا يمكن فعله للتخفيف من الأزمة الإنسانيّة في سوريا. لديّ الكثير لأقوله، والعديد من المقترحات لأقدّمها، ولكن هل نجني أيّة فائدة من مثل هذه الاجتماعات؟ مرّ الصيف ومن بعده الشتاء ونحن نخوض في هذه اللقاءات، ولا تقدّم حقيقياً!

احتدم النقاش. يريدون من الجمعيات الأهلية الاستعداد للتدخّل فور وقف الأعمال الحربية. أختنق، أُريد أن أصرخ: ما نفع ذلك؟ سيكون القطار قد فات! أناقش: لا تريدون جبهة النصرة، ساعدوا السوريين على أن لا يكونوا بحاجتها.

رقم غريب يظهر على شاشة الهاتف. أووف… ألا يعلم أني لا أستطيع الرد؟ أتجاهله. غير أن صاحب الحاجة عنيد، لا يكفّ عن المحاولة. أشعر بالإحراج مع كلّ مرة يهتزّ فيها هاتفي على الطاولة، ومع الاتصال العاشر أقرّر استقبال المكالمة لأضع حدّاً لهذا الحرج.

صوت شبه باكٍ أتاني وسط ضجيج الزحام البيروتيّ، “عفواً أستاذ، فلان عطاني رقمك قال ممكن تساعد؟”. يشرح لي المتّصل القادم من ضواحي دمشق، أنّ والده أصيب بأزمة قلبيّة وأجريت له إقرأ المزيد

ماذا لو؟

فيما يلي رسالة وجهها حسين غرير من معتقله إلى ابنه الصغير ورد، ولكن قبل ذلك دعوني أقول لكم من هو حسين غرير:

hussein_ghrer_large

حسين غرير هو اسم قد لا يعني الكثير للمنشغلين بشتم الحرية اللي بدنا ياها، وتعداد مساوئ جبهة النصرة والجحيم الذي ينتظرنا على يدها فيما لو سقط النظام. حسين غرير هو شاب دمشقي كتب على الإنترنت من أجل الحرية ومن أجل سوريا. حسين التزم بقضية الإنسان السوري من خلال قلمه، وحتى قبل اندلاع الثورة. ومع الثورة عمل في المركز السورية لحرية الإعلام لتوثيق الانتهاكات التي يرتكبها النظام ضد إقرأ المزيد

ولدت الثورة ومات التدوين السوري؟

نشرت في جريدة المدن الإليكترونية في ١٢/ ٢/ ٢٠١٣

إذا ما استثنينا قلة رأت في التدوين فسحة للتعبير عن مواهبها، فإن غالبية المدونين السوريين خاضت تجاربها بدافع الهم العام. تجلّى ذلك في أكثر من حملة ومحطّة شهدها عالم التدوين قبل الثورة السورية. وأبرزت هذه الحملات تضامن المدونين حيناً واختلافاتهم أحياناً، ما يعكس تنوّع توجّهاتهم الفكرية، وإن على نحو غير واضح المعالم، ما بين علمانيّين وإسلاميّين، ليبراليّين ويساريّين، كما في حملات: التضامن مع معتقلي منتدى أخويّة، ضدّ جرائم الشرف، التدوين للجولان ولغزّة، وعن مسوّدة قانون الأحوال الشخصيّة، وتضامناً مع المدوّنة طلّ الملوحي… وغيرها.

قبل الثورة، كنّا ندوّن عن كلّ شيء باستثناء الهموم السورية العميقة. وكان من الطبيعي، إذاً، أن نهرع مع نسمات الحريّة البكر التي طالت بلدنا للكتابة، سعياً إلى تجاوز الخطوط الحمراء الكثيرة. ولعل أبرز مثال على ذلك هو الملف الذي نشره موقع “الصفحات السورية” بعد عام من انطلاق الربيع العربي، وشاركتُ فيه شخصياً إلى جانب أحد عشر مدوّناً من سوريا وفلسطين.

والواقع أنّ المدوّنين، مثل بقية مكوّنات المجتمع السوريّ، لم يكونوا بمعزلٍ عن الاستقطاب الحاد الذي حصل في أشهر الثورة الأولى، ما أدّى إلى بروز معسكرَيْن، الأوّل مشجّع لانتفاضة شعبه إقرأ المزيد

اللاجئون السوريون أمام الخطاب الشعبوي في لبنان

من أماكن اللجوء في البقاع

من أماكن اللجوء في البقاع

لستُ أجد نفسي، باعتباري مواطناً سوريّاً يقيم في لبنان منذ عدّة سنوات، انطلاقاً من أصول الضيافة على الأقل، معنياً بزواريب السياسة المحليّة. إلا أنني مع حملة التصريحات تجاه اللاجئين السوريين من قبل بعض الساسة المسيحيّين، على اختلاف اصطفافاتهم، أجد لزاماً عليّ أن أصحّح بعض المغالطات. وأن ألفت النظر إلى أمور قد تكون غابت عن بال أصحاب التصريحات المثيرة للجدل في زحمة الاستعداد للانتخابات المقبلة والسعي الحثيث للعب على الأوتار الجالبة لأصوات الناخبين.

ما من شكّ بأنّ قدوم أعداد كبيرة من اللاجئين إلى بلدٍ ما وفي فترة زمنيّة قصيرة نسبيّاً يشكّل عبئاً على المواطنين من الفئات محدودة الدخل، إذ ترتفع الأسعار لا سيّما أجرة الشقق السكنيّة. إلا أنّه لا إقرأ المزيد

تعليق على الحكم في قضية بورسعيد والنادي الأهلي

38-gandhi-qoute-eye-artwork-picture-illustrationالحكم الصادر اليوم في مصر بإعدام ٢١ متهماً في أحداث بورسعيد هو مهزلة بكل المقاييس وجريمة فاضحة ترتكب باسم القانون. لعلها التطبيق الصريح لمقولة غاندي العين بالعين ستجعلنا نعيش في عالم من العميان.

ما من شك بأن فجيعة بورسعيد كبيرة ولن يشعر بها إلا من ذاقها. لكني لو كنت أباً لأحد الضحايا هل يمكنني أن أنام قرير العين بعد اليوم عالماً أن عدالتنا الأرضية قررت قتل ٢١ شخصاً للاقتصاص لابني؟ وماذا عن أهالي الضحايا الجدد والذين سيعتبرون أبناءهم قدّموا كبش محرقة؟ ألن يطالبوا بدورهم بالقصاص لأبنائهم؟ حتام تكرّ المسبحة؟

متى تتوقف غريزة القتل والقتل المضاد عندنا؟

انتقاماً لمقتل ٤٢ شخصاً حكم بإعدام ٢١ فيما قتل ١٢ آخرون في هذه الأثناء في خضم الاحتجاجات على الحكم. يا للعار!

في كثير من الأحيان نتهم معارضي عقوبة الإعدام بأنهم يوطوبيون. ولكن ألسنا نرى اليوم أن معهم حق؟ الإعدام الفردي قاد إلى جريمة جماعية باسم القانون. وهل نخدعن أنفسنا لنقول أن الهدف من هذه العقوبة هو الردع؟ أترون أحداً ارتدع طوال السنتين المنصرمتين من دوامة العنف؟

مصدر الصورة على هذا الرابط.

شكراً أردوغان

 399001_496290757076873_292730815_n

يحدث كثيراً أنك عندما تلتقي ناشطاً ما أو معارضاً من أولئك المؤيدين للتسليح والجيش الحر، وتعاتبه على الاستراتيجية الخرقاء للجيش الحرّ في حلب، والدمار الهائل على كافة الصعد الذي حاق بالمدينة جراءها، يحدث أن يجيبك بصوت خفيض وبعد أن يغضّ بصره خجلاً، بأن قرار دخول حلب اتّخذ في اسطنبول، وبان الأتراك هم من أقنعوا المعارضة بدخول حلب والاستيلاء على بعض أحيائها ليتمكّنوا من استصدار قرار حظر للطيران الحربي فوق أجواءها، يكونون هم، أي الأتراك، رأس الحربة في تنفيذه.

– لكن الأتراك لم يفعلوها، وأنتم ببساطة وقعتم في الفخ وساهمتم في دمار المدينة؟ تسأله.

لا إجابة بالطبع تجد عند مثل هؤلاء، ما عدا “الله محيي الجيش الحرّ”.

يبدو موقف الحكومة الأردوغانية مثيراً للشبهة في الواقع، فشهادات العديد من الأصدقاء العاملين في الحقل الإنساني حول الوضع السائب في منطقة الحدود التركية السورية مقلقة للغاية. تتقاطع إقرأ المزيد

أنا غاضب يا رب

423552_10150980902738525_221057746_n

أنا غاضب يا رب… غاضب من نفسي ومن الدنيا ومنك!

نعم منك… لا توسعنّ حدقتيك اندهاشاً، فأنا حقاً غاضب منك!

إن وصفوك بكليّ القدرة، فأنا لا أجد أمامي إلا عجزك الفاضح وعجز أتباعك عن إحداث أي تغيير في مآل الأمور!

وإن وصفوك بالرحيم، فإني لا أجد أثراً لرحمتك في كل ما يقع على رؤوس أبناء بلدي من مصائب ومجازر!

وإن وصفوك بالحليم، فإني لا أجد في حلمك هذا إلا استهزاء بارداً بأنيننا الذي يقطّع نياط القلب، فما لقلبك متحجّر بهذا الشكل؟!

ها قد أفصحت لك عن سرّ غضبي منك، ومع ذلك لم يجد قلبي الراحة المنشودة. لم تنفع ثورة غضبي في إطفاء نار قلبي، في تهدئتي وإزالة اضطرابي. فلا تضحك هازئاَ بي!

أين أنت يا رب؟

لم تقبع في عليائك صامتاً؟

أيعجبك ما حلّ بنا؟

صار الوطن سلعة تباع بأدنى الأسعار لشراء الضمائر وضمان السكوت عن تقتيل وتذبيح من يتهمونهم

إقرأ المزيد

بيان للمطالبة بالإفراج عن حسين غرير وزملائه المعتقلين

وصلتنا معلومات تفيد بأن المدون السوري حسين غرير، والذي كان قد اعتقل بتاريخ 16-2-2012 إثر مداهمة قوى المخابرات الجوية- فرع المزة لمكتب المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في العاصمة دمشق، قد بدأ إضراباً عن الطعام احتجاجاً على استمرار اعتقاله بعد أن قضى قرابة خمسة أشهر في المعتقل. يذكر أن هذا هو الاعتقال الثاني لغرير حيث كان قد اعتقل بتاريخ 24-10-2011 وافرج عنه في 1-12-2012 ولايزال يحاكم من اعتقاله الاول.

وقد داهمت قوى المخابرات الجوّيّة المركز بالتاريخ المذكور أعلاه وصادرت الأجهزة واعتقلت كامل طاقم المركز مع ضيوفه الزائرين، ثم أطلقت سراح 8 موظفين هم الآن قيد المحاكمة العسكرية بتهمة “نشر منشورات محظورة”، فيما لايزال خمسة موظفين قيد الاعتقال، وهم مازن درويش، مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، حسين غرير، عبد الرحمن حمادة، هاني زيتاني ومنصور العمري. وحسب المعلومات التي لدينا فقد تم تحويل حمادة وزيتاني والعمري من المخابرات الجوية فرع المزة إلى معتقلات الفرقة الرابعة في الجيش السوري، بالإضافة لتحويل مازن دوريش من زنزانته إلى مكان مجهول، دون أن يُعرف إن كان التحويل إلى زنزانة أخرى في نفس الفرع أو إلى فرع آخر -بعد إضرابه عن الطعام في فرع المخابرات الجوية بالمزة. أما حسين غرير فقد تم تحويله من فرع المخابرات الجويّة في المزّة إلى مقر المخابرات الجوية في ساحة التحرير بدمشق، وهو مضرب عن الطعام احتجاجاً على استمرار اعتقاله.

حسين غرير مدون سوري بارز، له نشاط تدويني ملفت في النقاشات الدائرة في فضاء التدوين السوري حول قضايا الشأن العام، كما شارك بحملات تضامنية مع الجولان وفلسطين المحتلتين. متزوج وله طفلان، ورد وزين، وهو خريج كلية الهندسة المعلوماتية.

يُذكر ان حسين يعاني من انسدال الصمّام التاجي في القلب وارتفاع الضغط الشرياني، ويُخشى من تدهور حالته الصحية في المعتقلات السورية، المعروفة بأوضاعها الصحية والنفسية والبيئية السيئة والمفتقدة للعناية طبية اللازمة، مما قد يشكّل خطراً مباشراً على حياته.

نحن، مدونون سوريون وعرب، ومتضامنون مع حسين وقضيته، نطالب بإطلاق سراح زميلنا في المعتقل المدون والصديق حسين غرير فوراً، دون قيد أو شرط، خاصّة وأن أكثر من أربعة أشهر قد مرّت من دون توجيه أي تهمةٍ إليه، علماً أن أقصى مدة قانونية للتحفظ على معتقل في الأفرع الأمنية دون إحالته إلى القضاء هي ستون يوماً.
كما نطالب بإطلاق سراح زملاء حسين في المركز السوري للإعلام وحرّية التعبير، وكافة المعتقلين والمعتقلات في الأفرع الأمنيّة والسجون المدنيّة والعسكريّة، خصوصاً من تجاوزت مدة احتجازه الستين يوماً، وندين كافة أشكال التعذيب التي تطال معتقلينا من قبل الشبيحة وعناصر أمن النظام في أقبية الفروع الأمنية.

صلاة للمسيحيين المحبطين

جيمس مارتن اليسوعي (راهب يسوعي أمريكي)

عزيزي الله، في بعض الأحيان تصيبني حال كنيستك بالإحباط.

أعرف أنّي لستُ وحدي من يحمل هذا الشعور. وأنّ ثمّة العديد ممّن يحبّون كنيستك، ممّن أصابهم الإحباط من حال جسد المسيح على الأرض. يمكن للكهنة والشمامسة، الرهبان والراهبات، أن يشعروا بالإحباط بدورهم. يكبر فينا القلق والهمّ، يزادا انزعاجنا وغضبنا وفي بعض الأحيان شعورنا بالفضيحة أيضاً، عندما نرى أنّ مؤسّستك الكهنوتية ملآى ببشرٍ خاطئين. بشر خاطئين مثلي.

إلّا أنّ أكثر ما يحبطني، هو شعوري بأنّ ثمّة أشياء بحاجة للتغيير دون أن أمتلك القدرة على تغييرها.

لذا أنا بحاجة لمساعدتك، يا الله.

ساعدني لأن أتذكّر بأنّ يسوع وعد بأن يكون معنا إلى انقضاء الدهر، وأنّ الروح القدس يقود كنيستك دائماً، حتّى وإن كان من الصعب عليّ رؤية ذلك. في بعض الأوقات، يحدث التغيير بصورة مفاجئة، ويذهلنا الروح، إلّا أنّه غالباً ما يحدث التغيير في الكنيسة ببطء. وفق توقيتك لا توقيتي. ساعدني لأعرف بأنّ البذور التي أزرعها بحُبٍّ في أرض كنيستك، سوف تثمر ذات يوم. لذا امنحني الصبر.

ساعدني لأفهم بأنّه لم يكن هنالك وقت لم تشهد فيه كنيستك مجادلات وخلافات. تعود تلك المجادلات إلى أيام بطرس وبولس اللذين جادل واحدهما الآخر. وأنّه لم يكن هناك وقت لم تكن فيه الخطيئة حاضرة وسط أعضاء كنيستك. تلك الخطيئة التي يمكن تتبّعها إلى اليوم الذي أنكر فيه بطرس المسيح فيما كان يتألّم. لِم قد تكون كنيسة اليوم مختلفة عنها يوم تشكّلت من ناس عرفوا يسوع على الأرض؟ امنحني الحكمة.

ساعدني لأثق بالقيامة. يذكرّنا المسيح القائم بوجود رجاء بشيء جديد على الدوام. لن يشكّل الموت يوماً الكلمة الأخيرة بالنسبة لنا. ولا حتّى اليأس. ساعدني لأتذكّر بأنّه عندما ظهر المسيح القائم لتلاميذه، فقد كان يحمل جراح صلبه. وعلى مثال المسيح، فإن الكنيسة مجروحة دوماً، ورغم ذلك حاملة للنعمة على الدوام. امنحني الرجاء.

 ساعدني لأومن بأنّه يمكن للروح القيام بأيّ شيء: يُنهض لنا قدّيسين عندما نكون بأمسّ الحاجة إليهم، يطرّي القلوب عندما تبدو قد تقسّت، يفتح العقول عندما تبدو قد أُغلقت، يُلهمنا الثقة عندما يبدو كلّ شيء قد ضاع، يساعدنا على عمل ما يبدو مستحيلاً حتى يتحقّق. إنّه الروح ذاته الذي هدى بولس، ألهم أوغسطينوس، دعا فرنسيس الأسيزي، شجّع كاترين السينائية، عزّى إغناطيوس دو لويولا، واسى تيريز دو ليزيو، أفعم يوحنا الثالث والعشرين بالبهجة، رافق تيريزا دو كلكتا، قوّى دوروثي داي وشجّع يوحنا بولس الثاني. إنّه الروح ذاته الذي يرافقنا اليوم، وروحك لم يفقد أيّاً من قواه. امنحني الإيمان.

ساعدني لأن أتذكّر جميع قدّيسيك. معظمهم كان في حالٍ أسوا كثيراً من حالي. كانوا محبطين من كنيستك في بعض الأحيان، تصارعوا معها، واضطهدتهم بدورها في بعض المناسبات. حُرقت جان دارك على الخشب من قبل السلطات الكنسية. أُلقي بإغناطيوس دو لويولا بالسجن من قبل محاكم التفتيش. عوقبت ماري ماك كيلوب بالحرمان الكنسيّ. إن كان بوسع هؤلاء أن يثقوا بكنيستك وسط هذه الصعاب، فكذلك يمكنني أنا. امنحني الشجاعة.

هبني أن أكون مسالماً عندما يقول لي الناس بأنّي لا أنتمي إلى الكنيسة، بأنّي جاحد عندما أحاول تصحيح الأمور، أو أنّني لستُ بمسيحيّ جيّد. أعلم أنّي تلقيتُ سرّ العماد. لقد دعوتني باسمي لأكون في كنيستك. وطالما بقيت حيّاً، ساعدني لأتذكر كيف رحّبت بي مياه المعمودية المقدّسة في عائلتك المقدّسة إقرأ المزيد

اذهب وبع كل شيء وابتعني، إجلالاً لروح باسل ورفاقه

يوم أمس كان أحد تلك الأيام الثقيلة المفعمة بالحزن والمرارة، لم تنفع معه حتى أنباء الإضراب في دمشق في الرفع من معنوياتي. فما زالت صرخات أطفال الحولة وأمهاتهم تطاردني في الليل وتمنعني من النوم. الموت يطاردني، بتّ أشعر به من حولي كل يوم. لست خائفاً منه على الإطلاق ففيه راحة وسكينة يصعب الحصول عليهما هذه الأيام، لا بل قد يمكنني أن أنتقل إلى جوار الرفيق الأعلى، في النهاية ألا يفترض أنني رفيق ليسوع؟!

لا علاقة لاضطرابي بتعلقّي بالحياة، كل ما في الأمر أنني صرت مسكوناً بهاجس الصور المريعة المترافقة مع الموت الذي أراه كل يوم. تنزع صور أطفال الحولة، صور جثامينهم المسجاة بكفنها الأبيض، صور المقبرة الجماعية التي أعدها أهل القرية لهم، تنزع كل هذه الصور من الموت سكينته، وتعيدني إلى واقع بربري همجي، ما عاد فيه للحياة قيمة.

يوم أمس، كان يوماً ثقيلاً، ذكّرني أن الموت قريب، وأنه يقترب مني ومن أصدقائي كلّ يوم أكثر فأكثر. قبل أن أذهب إلى النوم انتشر نبأ وفاة شاب من نشطاء الثورة في سوريا. “باسل شحادة” الشاب الدمشقي، والمخرج السينمائي الذي تخلّى عن منحة دراسية في نيويورك، ليعود إلى أرض المعركة في حمص ويدرّب شبانها على التصوير والمونتاج، فيكونوا المراسلين الميدانيين الذين ينقلون صورةً عملت سلطات القمع والإجرام جاهدة على منع انتقالها إلى العالم.

579274_10150963700200813_739005812_11972210_894821460_n

لم أعرف باسل شخصياً، كل ما أعرفه أنني تلقيت منذ فترة طويلة طلب صداقة على الفايس بوك باسم Bassel Sh ولم أستجب له خوفاً من أن يكون صاحبه أحد أولئك الشبيحة الإليكترونيين الذين يتستّرون

إقرأ المزيد

تنّورة ماكسي ورقابة الكنيسة

منذ أسبوع والضجيج لا يهدأ في وسائل الإعلام اللبنانية حول فيلم “تنورة ماكسي” للمخرج جو بو عيد، سواء في الصحافة المكتوبة أو المسموعة أو حتى المرئية. يقود هذه الحملة وللأسف بعض الإعلاميين الذين نجحوا بجرّ المركز الكاثوليكي للإعلام إلى حملتهم، فطالب هذا الأخير مع عددٍ من رجال الدين بإيقاف عرض الفيلم في دور العرض اللبنانية بحجّة إساءته للمسيحية.

وبسبب خشيتي مع مجموعة من الأصدقاء بتحقّق هذا المطلب على أرض الواقع قبل أن يتاح لنا مشاهدة الفيلم، فقد اقتطعنا من  جدول أعمالنا المزدحم بالمحاضرات ومواعيد تسليم الأبحاث، سويعات قليلة نتابع فيها الفيلم. وعند نهايته كانت دهشة معظمنا شديدة، لأننا في الواقع لم نجد فيه أيّاً من الاتهامات التي سيقت بحقّه، من مسّ بالمسيحية لا من قريب ولا من بعيد، حتّى أن أحد الأصدقاء مازحنا بالقول بأنّه لا بدّ وثمّة في المركز الكاثوليكي للإعلام من هو شريك لمنتجي الفيلم حتى قام بهذه الدعاية المجانية له.

تدور أحداث الفيلم في فترة الحرب اللبنانية وتحديداً إبّان الاجتياح الإسرائيليّ للبنان عام 1982، والتي باتت القالب الزمنيّ المفضّل لصنّاع السينما اللبنانية هذه الأيام، فيصوّر إحدى قصص الحياة اليومية التي تجري على هامش الحرب، قصّة والديّ المخرج، بطريقة سوريالية إقرأ المزيد

خربشات من مصر (3) – ما بعد 25 يناير

أخيراً عدت إلى القاهرة! بعد غياب سنة ونصف ملأى بالأحداث، أعرف أن زيارة قصيرة لثلاثة أيام لن تشفي غليلي بالتأكيد، لكنها ستعالج شوقي للقاء التحرير وأهله. كنت أتساءل كيف ستبدو لي القاهرة بعد هذا الغياب، فلم تتأخر الإجابة، إذ يمكن للمرء أن يلحظ التغييرات التي طرأت على مصر وعلى الحياة فيها في اللحظة التي تتجاوز فيها قدماه بوابة المطار.

غياب تام للشرطة المصرية عن الشوارع، ذلك هو الملمح الأول للتغيير، لربما يكون ذلك ناجماً خوف الشرطة من العودة إلى الشوارع بعد فقدان الثقة مع الجماهير. يمكن للثقة أن تستعاد في حال توافرت سلامة النية، لكن الأرجح على ما أعتقد أنه نوع من العقاب الجماعي، ذلك كان شعور غالبية من قابلتهم، نوع من الإحلال المدروس للفوضى ليترحّم المصريون على زنزانات أمن الدولة، وعلى كفّ الباشا في القسم، ليترحّموا على أيام كانت فيها حوادث مثل موت خالد سعيد لا تعتبر إلا أعراضاً جانبية للقبضة الأمنية القوية، تلك التي تحفظ الاستقرار الذي ينعم به المواطنون والذي يسبّحون بحمده صباحاً ومساء، في النهاية من الذي يهتم لموت شاب واحد أما كان ذلك أفضل من حالة الفوضى الحالية؟! هكذا أتخيل احتجاجات أعضاء جماعة آسفين يا ريس أو حزب الكنبة كما يسمي المصريون أولئك الجالسين في بيوتهم والمتضايقين من نتائج الثورة. إلا أن المفاجئة التي تثير حنق الحاكم تكمن في أن الحياة تسير بشكل إقرأ المزيد

أزمة الهوية العربية

نُشرت هذه المقالة ضمن ملف لعدد من المدونين السوريين حول الربيع العربي على موقع صفحات سورية.  من المشاركين في الملف: ياسين السويحة – حسين غرير – شيرين الحايك – رزان غزاوي – جابرييل كبة – ياسر الزيات – ريتا السلاق – طارق شام – عبد السلام إسماعيل – أمجد طالب – وأنا.

ثمّة ظاهرة لافتة استوقفتني مطوّلاً في كلّ من الجزائر ومصر، في فترة إقامتي القصيرة في كلّ منهما، وتتجلّى في النقدّ الذاتي لمرحلة ما بعد الاستقلال في الجزائر وما بعد ثورة يوليو في مصر. في الجزائر مثلاً، تدور على صفحات الجرائد بين الفينة والأخرى عملية نقدٍ جريئة للماضي، لممارسات الثورة، وبالأخصّ للشهور الأخيرة من الثورة، ومن ثم للمرحلة التي أعقبت الاستقلال، وأداء القيادات في تلك المرحلة. ويحدث كثيراً حينما يلتقي المرء ببعض كبار السنّ في الجزائر، أن يسمعهم يتّهمون وبمرارة، تلك القيادات بسرقة الثورة، ويصنّفونهم ضمن “المارسيست”.

والمارسيست Marsistes أو الآذاريين، هو مصطلح يطلق على ثوّار الساعة الأخيرة، أي تلك الفئة من الناس التي ظلّت تدعم الفرنسيين حتى اللحظة الأخيرة، أو ظلّت أقلّه محجمةً عن دعم الثورة حتى تمّ توقيع اتفاقية ايفيان في 19 آذار 1962،  وهي الاتفاقية التي أعطت الجزائريين حقّ تقرير المصير من خلال استفتاء عام، فسارع هؤلاء، بعدما بدا أن البلاد في طريقها إلى الاستقلال، إلى الانضمام للثورة، وتسجيل أسمائهم في جبهة التحرير الوطنية FLN، ووصلوا لاحقاً إلى مراكز متقدمة وقادوا البلاد والحزب، بعد أن قُتل عدد كبير من قيادات الثورة الأساسية خلال الحرب الطويلة.

ثمّة كثير من النقد إذن لتلك الفترة التي أعقبت الاستقلال، للأحادية الأيديولوجية التي طبعتها، ولملامحها التي اتسمت من بين ما اتسمت به، بسياسة تعريب قاسية قادها لسخرية القدر كثيرون ممّن ظلوا موالين لفرنسا حتى اللحظات الأخيرة. أنكرت تلك السياسة على باقي المكوّنات المجتمعيّة، حقوقها الثقافية، وجرّمت استعمال لغاتهم المحلية، محاولةً فرض فكرة العروبة بالقوّة، والتنكّر لأيّة قومية أخرى، بدعوى أن أيّ كلامٍ في القوميات المغايرة للقومية العربية هو عمل بغيض من آثار المرحلة الاستعمارية الفرنسية. ومن الجليّ اليوم أن هذه الممارسات ولّدت لدى بعض الأمازيغ، وعلى الأخصّ سكّان منطقة إقرأ المزيد

عزّوا شعبي

كُتبت هذه المقالة كرسالة ميلادية قبل أسبوع من الآن لصالح موقع جماعات الحياة المسيحية في مصر cvxegypt.com ولم تنشر إلا أمس بعيد وقوع تفجيرات دمشق. إلا أنها تبدو مناسبة أكثر فأكثر مع الحدث الأليم:

“عزّوا عزّوا شعبي، يقول إلهكم. خاطبوا قلب أورشليم ونادوها بأن قد تمّ تجنّدها. وكُفّر إثمها ونالت من يد الربّ ضعفين عن جميع خطاياها” (أشعيا 40: 1-2).

في وقت المجيء -الاستعداد للميلاد- ثمّة كثير من القراءات من سفر أشعيا، ومن بينها الآية السابقة التي تُذكّرنا من جديد برسالة التعزية التي تزخر بها صفحات الكتاب المقدّس. ولكن، هل يمكن في الظروف الحالية أن نجد في نصوص الميلاد وقصّة العائلة المقدسة ما يعزّينا؟

تبدأ قصّة العائلة المقدسة على ما يخبرنا به الكتاب المقدس منذ لحظة بشارة مريم، الفتاة اليافعة التي اختارها الله لتلد المخلّص. إنّه خيار عجيب وطلب صعب يضع مريم في خوف وحيرة، إذ كيف لها أن تحمل من دون رجل؟ ومن سيصدّق هذه القصّة الغريبة؟ لكن الله القادر على كل شيء، والذي اختارها لهذه المهمة الصعبة لم يتركها وحيدة، بل كان أميناً في وعده لها، وأشرك خطيبها يوسف في مخطّطه الخلاصيّ. فكان أن تخلّى يوسف، الرجل البار، عن شكوكه وحذره، وقرّر جلب مريم إلى بيته على الرغم من فضيحة هذا الحمل العجيب. ولحظّ هذه العائلة السيء، تصادف اقتراب موعد الولادة مع الإحصاء السكّاني، فكان السفر إلى بيت لحم. لم يكن السفر بالأمر السهل في تلك الأيام، إذ توجّب على مريم، الحامل في شهرها الأخير، أن تمتطيَ حماراً في طرق جبليّة وعرة حتّى تصل ويوسف إلى قريته في بيت لحم. هناك كانت المفاجأة! ما من مكان ليستضيف المسافرين. ما العمل؟ أما كان لهذه العائلة أن تستريح؟ من جديد، لن ينقضي إقرأ المزيد

بيان زملاء رزان في التدوين السوري: الحرّية لرزان غزاوي!

بالكاد تنفّسنا الصعداء بعد الإفراج عن زميلنا حسين غرير قبل أن يعود اختناق الغضب والحزن ليذكّر صدورنا بواقع القمع والكبت وعبادة الصّمت الذي نعيشه.. وردنا خبر اعتقال زميلتنا رزان غزّاوي.

رزان غزّاوي سوريّة بامتياز.. سوريّة بعملها المحموم للمرافعة عن القضية الفلسطينيّة وﻻجئيها في وسائط الإعلام اﻻجتماعي باللغتين العربيّة واﻻنكليزيّة، سوريّة بالتزامها بكل قضايا التقدّم والعدالة اﻻجتماعيّة والمساواة، سوريّة بوقوفها مع الأحرار في طريقهم لنيل الحرّية والكرامة.. رزان صوتٌ ﻻ يريد له الصمت إﻻ أعداء الحقّ والكرامة والعدالة والحرّية.

نطالب السلطات السوريّة بالإفراج الفوري عن رزان غزّاوي وعن كلّ معتقلات ومعتقلي الرأي والضمير والكرامة، ونحمّلها مسؤوليّة أي أذى قد تتعرّض له، كما نطالبها بكف سياسة القمع الإرهابي الرعناء بحق المواطنين السّوريين، وندعو جميع أنصار الحقّ والحرّية للتضامن مع رزان غزّاوي، معنا، مع سوريا..!

نرجو من الصديقات والأصدقاء المساهمة في نشر النص في المدوّنات والصفحات والشبكات اﻻجتماعيّة
هاش تاغ #FreeRazan

 

خربشات سورية (6) – إخوتي الصغار

Bedouin 3

منذ سنة تقريباً، في مثل هذا الوقت أو ربما قبله بقليل، كانت صديقة لي، وهي صحفية لبنانية شابة، تعدّ تقريراً عن البدو في لبنان. فرافقتها في رحلة لها إلى بعض أماكن تجمعهم في سهل البقاع، برفقة الكاميرا طبعاً.

لا أعرف إن كانت الصدفة هي ما جعلنا نقع يومها على ثلاث تجمعات لبدو وعرب قدموا من سوريا. حيث كانت التجمعات الثلاث لمهاجرين من أرياف حمص وحلب. في إحدى هذه التجمعات، وفيما كانت صديقتي تطرح أسئلتها على النساء لتجمع مادة تحقيقها، التقطت مسرعاً بعض الصور للأطفال قبل أن يأتي بعض الرجال معترضين.

التقطت الكثير من البورتريهات ذلك اليوم، إلا أن واحدة منها (الصورة في الأعلى) لفتت انتباهي عندما

إقرأ المزيد

بشارة مريم لزمننا الحاضر

هذا الأحد يقدم الطقس الماروني استعداداً للميلاد نص البشارة (لوقا 1: 26 – 38) للصلاة معه والتأمل فيه. فيما يلي نص تأملي شاركته مع بعض الأصدقاء مساء اليوم:

في زمن المجيء والاستعداد للميلاد، لا يكتمل هذا الاستعداد دون التوقف عند نص البشارة. لكن مشكلتنا مع هذا النص تكمن في أنه ليس بالغريب علينا، نصلّي معه أكثر من مرة في السنة الليتورجية. نعرفه بالتفاصيل، نحفظه عن ظهر قلب؛ ما قال الملاك، وإجابات مريم على حد سواء. وبسبب ذلك فإن العديد منا لا يتأمل فيه، نقول ما الفائدة؟ أعرف النص عن ظهر قلب فما الجديد الذي سيأتيني به؟ لا بل أكثر من ذلك، إذ يعتقد الكثيرون أن الميلاد بكل استعداداته ونصوصه، هو زمن مخصّص للأطفال، ليفرحوا بهداياهم، بأجواء العيد، وإن أمكن، أو لقينا وقتاً، ببعض الصلوات البسيطة والقصص الجميلة، نرويها لهم بشيء من التأثر عن الطفل يسوع المسكين الذي لم يجد مكاناً له ليولد فيه، غير حظيرة محاطاً بالحيوانات.
قصة رومانسية من دون أدنى شك، وتعطي الميلاد صبغة حميمية محببة، ولكن هل هذا هو جوهر البشارة والميلاد؟

على الطرف المقابل، ثمة من يعطي هذا النص أهمية بالغة في سياق تكريمه للعذراء، بشكل قد يخرج عن رسالته الأساسية: أعني بها هنا الكشف الإلهي. نتكلم كثيراً كيف أن الله اصطفى مريم من بين كل النساء، وكرّمها بأن تحمل يسوع، وووو… إقرأ المزيد